#تاريخ_التكتيك | الجزء الرابع

في خمسينات القرن الماضي، وعندما كان منتخب #المجر أحد أقوى فرق العالم مع المدرب “غوستاو شبش”، ظهرت حينها أولى ملامح الكرة الشاملة Total Football والتي وضع أسسها لاحقاً المدرب الإنجليزي “جاك رينولدز” مدرب #أياكس خلال الفترات 1915-1925، 1928-1940 ثم 1945-1947.

جاك رينولدز ورينوس ميتشلز
جاك رينولدز (يمين الصورة) الذي وضع أسس الكرة الشاملة خلال فترته مع أياكس، ورينوس ميتشلز (يسار الصورة) الذي رسّخ دعائمها وأظهر للعالم أحد أفضل المنتخبات على مر التاريخ

وفي عام 1965 تولّى الهولندي “رينوس ميتشلز” تدريب #أياكس، وكان المساهم الأكبر في ترسيخ دعائم الكرة الشاملة Total Football خصوصاً وأنه لعب تحت قيادة “جاك رينولدز” في الفترة ما بين 1946-1958، وخلال فترته مدرباً لأياكس كان “يوهان كرويف” أحد أهم لاعبيه وصاحب التأثير الأكبر على أسلوبه.

 

مفهوم الكرة الشاملة Total Football ترسخ في 3 أمور: استخدام المساحات، تبادل المراكز والضغط العالي، مع الاستعانة باللياقة العالية للاعبين، والعمل البدني والانضباط التكتيكي، إضافةً إلى المهارات الممتازة للاعبين بالكرة.

المساحات هي المفتاح الرئيسي في الكرة الشاملة Total Football، عبر توسيع الملعب قدر المستطاع في الحالة الهجومية، وتضييقه أكثر في الحالة الدفاعية. إضافةً إلى أن تبادل المراكز وقدرة اللاعبين على الدفاع والهجوم كان نقطة قوة كبيرة لأسلوب “رينوس ميتشلز”.

التحول من 4-3-3 إلى 3-4-3
منتخب هولندا تحت قيادة رينوس ميتشلز والتحول من 3-3-4 إلى 3-4-3

اعتمد “رينوس ميتشلز” على الرسم التكتيكي 3-3-4 ولكن بوجود مدافع متأخر Libero يتقدّم في الحالة الهجومية إلى وسط الملعب، ليتحوّل الرسم التكتيكي إلى 3-4-3. إضافةً إلى الاعتماد على الدفاع المتقدم والضغط العالي من أجل تقليل خيارات التمرير للخصم حامل الكرة.

 

هذا التحوّل يمنح مدافعي #أياكس الفرصة لبدء الهجوم، مع الاحتفاظ بلاعب إضافي لتغطية مهاجمي الخصم في الوقت الذي يتحوّل فيه الفريق لأربعة لاعبين في وسط الملعب إضافة إلى ذلك، كان أياكس أول فريق يعتمد على تبادل كافة اللاعبين لمراكزهم، الأمر الذي يربك الخصم ويصعب من مهمة رقابة اللاعبين

تأثير الكرة الشاملة Total Football كان كبيراً، واعتمد عليه العديد من المدربين، لعل أولهم كان “يوهان كرويف” مع #برشلونة والذي كان أحد لاعبي “رينوس ميتشلز” في المنتخب الهولندي، إضافة إلى الأرجنتيني “مارسيلو بييلسا”، وأخيراً “بيب غوارديولا” والذي تتلمذ على يد “يوهان كرويف”.

في تلك الأثناء، وعندما كان “رينوس ميتشلز” يصنع مجده، كان يقف الإيطالي الشاب “أريغو ساكي” لينظر بكل إعجاب إلى أسلوب الكرة الشاملة Total Football بدايةً مع #أياكس ثم #برشلونة والمنتخب الهولندي في #كأس_العالم 1974.

أريغو ساكي
أريغو ساكي، خلال الفترة الذهبية التي عاشها مع ميلان في التسعينات والتي تُوّج فيها بلقبي دوري الأبطال ولقب الدوري الإيطالي

يقول “أريغو ساكي” عن أسلوب الكرة الشاملة Total Football الذي انتهجه “رينوس ميتشلز” مع المنتخب الهولندي: “لقد كان الأمر بمثابة اللغز بالنسبة لي، كان التلفاز صغيراً جداً وكنت أريد بشدة أن أشاهد كامل الملعب لأفهم ما يحدث.. لقد كنت معجباً جداً بذلك الفريق”

 

“أريغو ساكي” لم يكن يوماً لاعباً محترفاً، وقضى فترة شبابه لاعباً بدوامٍ جزئي مع أندية الهواة، حيث كان يعمل بائعاً في مصنع والده للأحذية هذا الأمر هو ما أدى لمقولته الشهيرة: “لم أدرك مطلقًا أنه لكي تصبح فارسًا، يجب أن تكون خيلًا أولاً” عندما كان يُسأل عن مؤهلاته عندما درّب #ميلان

“أريغو ساكي” كان يميل للعب الهجومي، عكس ما كان متعارفاً عليه في #ايطاليا، حيث كان يغلب عليها الطابع الدفاعي وعدم المجازفة الهجومية، حيث كان تأثير الـCatenaccio لا يزال حاضراً. يقول “ساكي” عن فلسفته: “إذا أردت دخول تاريخ كرة القدم ليس عليك الفوز فقط، بل يجب أن تكون ممتعاً”

ميلان وخطة 4-4-2
خطة 2-4-4 التي اعتمد عليها أريغو ساكي مع ميلان

اعتمد “أريغو ساكي” خلال فترته مع #ميلان على 2-4-4 مع تقارب الخطوط كثيراً والدفاع والهجوم ككتلة واحدة، حيث كان “ساكي” يرى أن المسافة المثالية بين خط الدفاع وخط الهجوم لا يجب أن تتجاوز 25 متراً، وهو الأمر الذي كان يُصعّب من مهمة الخصم في التمرير بين الخطوط أو المرور بالكرة.

 

تقارب الخطوط كان يُحتّم أن يكون خط الدفاع متقدماً كثيراً ومنظماً بشدة من أجل تطبيق مصيدة التسلل. إضافةً إلى ذلك، كان “ساكي” يعتمد على الضغط العالي High Pressing والضغط العكسي Counter Pressing متى ما فقد الفريق الكرة من أجل استعادتها مبكراً.

نقطة قوة “#ميلان ساكي” كانت التمريرات العمودية السريعة والتي كانت تساهم في إيجاد المساحات بين خطوط الخصم، وتساهم أيضاً في التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم. إضافةً إلى ذلك، كان “ساكي” مميزاً للغاية في إيجاد الحلول التكتيكية خلال المباراة، ومحاولة إيجاد طريقة لفك دفاعات الخصم.

“أريغو ساكي” كان مميزاً كذلك في أساليب التدريب، وأبهر العالم بفكرة عبقرية تسمى (كرة الأشباح – Shadow Football)، حيث يقوم المدرب الإيطالي بعمل مباراة تخيّلية بين 11 لاعباً مع خصمٍ غير موجود، وبدون كرة.

فكرة كرة الأشباح Shadow Football هي بأن ينزل اللاعبون الي ملعب التدريب، ويخبرهم “أريغو ساكي” بوجود كرة خيالية في مكان ما بالملعب، ليبدأ كل الفريق بالتحرك تجاهها، ويبقى “ساكي” خارج الملعب يتابع تحركات كل لاعب وكيفية تمركز كل خط سواء بالدفاع أو الوسط أو الهجوم.

خلال موسم 1988/89 كان #ميلان يستعد لمواجهة #ريال_مدريد في نصف نهائي #دوري_الأبطال، وأرسل الريال كشافيه لمتابعة تدريبات الميلان. وعندما عاد الكشافون لمدرب الريال قال أحدهم له: “لا أدري ما كان اللاعبين يقومون به، لقد كانوا يتدربون بدون كرة وبدون خصم، لقد رأيت مباراة ضد أشباح”

فلسفة “أريغو ساكي” كانت قاعدة للعديد من التكتيكات في كرة القدم حالياً، فعندما نتحدث الآن عن بقاء الفريق ككتلة واحدة، فنحن نقصد المبدأ الأساسي الذي وضعه “ساكي” مع #ميلان بداية التسعينات، إضافةً إلى اللامركزية وأسلوب الضغط العالي المنظم والضغط العكسي الذي قام بتطويره كثيراً.

اترك تعليقًا

Please log in using one of these methods to post your comment:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s