حقيقة كريستوفر كولومبوس

هوس كريستوفر كولومبوس الديني  

الملك فيرناندو والملكة ايزابيلا
الملك فيرناندو والملكة ايزابيلا
كان زواجهما وتوحد مملكتهما إحدى أهم أسباب سقوط مملكة غرناطة، وعملا على تضييق الخناق على المسلمين ومحاولة تنصيرهم أو أن يكون مصيرهم القتل، وقد كان تحويل مسجد الحمراء ومسجد الطيبين إلى كنائس كاثوليكية إعلاناً لإلغاء كافة بنود اتفاقيتهم مع أبو عبد الله الصغير التي كانت تضمن حقوق المسلمين

بعد اتحاد مملكة ليون ومملكة قشتالة بقيادة الملك “فيرناندو الأول” والملكة “إيزابيلا الأولى” وسقطت الأندلس بسقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين، شن الثنائي هجوماً شرساً على المسلمين، وكانت محاكم التفتيش تجبرهم إما على التنصّر أو الموت.

حماسهم الديني هذا دعا “كريستوفر كولومبوس” إلى أن يطلب منهم العون والمساندة في مشروعه الاستكشافي للإبحار عبر محيط الظلمات للبحث عن أراضي الشرق والممالك ذات الثروات، ولكن حماسه الاستكشافي هذا كان يرافقه حماسٌ دينيٌ كبير لم يكن يحمله الكثير من البحارة حينها، حتى أن ابنه “فيرديناند” وصفه بقوله: “كان متشدّداً في حماسه الديني لدرجةٍ تجعلك تظن بأنه ينتمي إلى حركةٍ أو مذهبٍ ديني متطرف”

وقد كان “كولومبوس” صريحاً بإعلانه لأهداف مشروعه الاستكشافي، حيث رسم معالم خطته في الرسالة التي بعثها إلى الملك “فيرناندو” والملكة “إيزابيلا” حيث قال فيها أنه يريد أن يكتشف ممالك جديدة يضمها إلى التاج الاسباني وليهدي شعوبها إلى المسيحية ثم يُجنّدهم فيما أسماه “الحرب ضد امبراطورية محمد”، من أجل استعادة القدس والأراضي المقدسة تمهيداً لنزول مملكة الله على جبل صهيون.


أفكار كريستوفر كولومبوس وارتباطها باليهودية

دييجو دي ديزا.jpg
دييجو دي ديزا
كان من الشخصيات البارزة في محاكم التفتيش الاسبانية، واشتهر بقسوته المفرطة وبعداءه الكبير للمتحولين من الديانة اليهودية أو المسلمين إلى المسيحية، واتهمهم بإخفاء حقيقة بقائهم على دياناتهم، قبل أن يُتّهم هو شخصياً بكونه يهودياً استناداً على أصوله اليهودية

كان من الواضح من خلال رسالة “كولومبوس” التي بعثها إلى الملك “فيرناندو” والملكة “إيزابيلا” أنه يملك تصوّراتٍ مسيحية لها ارتباطٌ وثيق باليهود، مثل غزو العالم، والهداية إلى المسيحية، واستعادة الأراضي المقدسة، والإعداد لمملكة الله على جبل صهيون، حتى أن كثيراً من المؤرخين أكّدوا هذا الارتباط بوصفهم أن “كولومبوس” كان يرى نفسه رسول الوحي المبشر الذي سيُعيد القدس.

وقد حاول “كولومبوس” قبل أن يبعث رسالته إلى الملك “فيرناندو” والملكة “إيزابيلا” أن يُقنع ملك البرتغال “يوحنا الثاني” بتمويل حملته غير أنه فشل في ذلك، ليتوجّه إلى أسقف شلمنقة “دييجو دي ديزا” والذي كان من يهود المارانوس¹، ليساهم في إيصاله إلى الملك “فيرناندو” والملكة “إيزابيلا”، وليساهم في إقناع يهود الطائفة بمساندة “كولومبوس” ودعمه، خصوصاً وأنهم كانوا من كبار تجار اسبانيا، حينها شكّكت السلطات الاسبانية فعلياً بيهودية “كولومبوس”.


المسيحية المتهودة قبل دعوة “مارتن لوثر”

يرى الكثيرون أن “كريستوفر كولومبوس” كان من أوائل من دعوا إلى التعامل مع نصوص التوراة ومحاولة فهمها والعمل على تحقيق النبوءات التي احتوت عليها، وأهمها تلك التي تتحدث عن القدس وعودة الشعب المختار، وبالتالي، كان هو وطاقم سفينته -الذين كانوا يؤمنون بنفس ما يؤمن به قائدهم- أول من جاءوا بهذه المعتقدات إلى الأراضي الأمريكية، خصوصاً إذا ما علمنا أن “كولومبوس” توفي في عام 1506 م، أي قبل 10 سنواتٍ تقريباً من قيام “مارتن لوثر” بالإعلان عن بنوده الخمسة والتسعين الشهيرة والتي حملت عنوان “بحث في بيان قوة صكوك الغفران”.

(يمكنك الإطلاع على قصة “مارتن لوثر” عبر رابط المقال الثاني) 

وبالتالي، يمكننا أن نقول أن “التطهيريون” هم الجيل الثاني من المستعمرين بعد “كريستوفر كولومبوس” ومن معه، ممن يحملون الأفكار المسيحية المتهودة.


كريستوفر كولومبوس الطاغية

كريستوفر كولومبوس
كريستوفر كولومبوس
عندما اكتشف القارة الأمريكية كان يعتقد أنه وصل للساحل الغربي للهند فأطلق على سكانها “الهنود الحمر” بسبب لون بشرتهم المائل إلى الحمرة، قبل أن يعيث بهم وبحضارتهم وسخّرهم للعمل تحت إمرته وقتل منهم عدداً هائلاً حتى اضطرت الحكومات الأوروبية لإرسال المساجين إليه لتعويض ندرة الأيدي العاملة الناجمة عن قتل السكان الأصليين

عندما وطأت أقدام “كولومبوس” القارة الأمريكية، أدرك أنه أمام أرضٍ مليئة بالخيرات، غنيةٍ بما يُمكّنه من تحقيق حلمه، حيث يقول الكاتب الأورغوياني الشهير “إدوارد غاليانو” في كتابه “الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية؛ 5 قرون من نهب القارة” أن “كولومبوس” قال في مذكراته أن العالم المسيحي سيقوم بجميع أعماله التجارية من هنا.

ليشرع “كولومبوس” في عملية التخلص والإبادة الجماعية للسكان الأصليين بلا حسيبٍ ولا رقيب، وقتل جنوده كل من صادفوه من الرجال والنساء والأطفال، وأحرقوا المحاصيل وسمموا الآبار، كما نهبوا المعابد ودمروا حضارات الآزتيك والإنكا والمايا، وأجبروا السكان المحليين على العمل بالسخرة في مناجم الذهب والفضة في ظروفٍ صعبة أدت لإنتحار العديد من السكان الأصليين خلاصاً من العذاب.

كما رصد جوائز مالية ومكافآت لمن يقتل أحداً من السكان الأصليين ويأتي برأسه، سواء كان رجلاً أو امرأةً أو طفلاً، لينتشر الصيادون في أرجاء القارة يجلبون الرؤوس بأعداد هائلة حتى أنهم قرروا الاكتفاء بفروة الرأس بدلاً من الرأس كله من أجل التخفيف وعدم ازدحام عرباتهم بالرؤوس، ووصل البعض بسلخ جلودهم والتفاخر بأن ملابسهم وأحذيتهم مصنوعة من جلود الهنود الحمر.


في المقال القادم سأتحدث عن بوادر ظهور الصهيونية في الأراضي الأمريكية حتى قبل أن يُعلن “ثيودور هيرتزل” ولادة الحركة الصهيونية رسمياً في عام 1897م.


تعريفات:

  • ¹ يهود المارانوس: مصطلح أطلق في الأصل على يهود شبه جزيرة إيبيريا الذين تحوّلوا إلى المسيحية طوعاً أو قسراً، حيث ظلّ بعضهم يمارس اليهودية سرّاً، ويُطلق عليهم اليهود اليوم اسم “الأنوسيم” وتعني “المُكهرَهين” باللغة العبرية.

اترك تعليقًا

Please log in using one of these methods to post your comment:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s