وقف رجلٌ حسن المظهر، أنيق الثياب أمام سقراط يتباهى بلباسه ويفاخر بمظهره، فقال له سقراط: “تكلم حتي أراك”

فجمال الانسان لا يكون في لونه أو قبيلته، فليس هناك ما يتفاضل به الناس عن بعضهم البعض غير الأخلاق الحميدة والسيرة الطيبة والعطاء الإنساني، فليس وراء العنجهية والتكبّر إلا الضحالة والجهالة، فتقسيم البشر إلى أصناف إنما هو إرضاء للغرور أو إكمال لنقص يشعر به.

لنسقط مفاهيم القبلية المتخلفة من حسابات الآدمية أولاً، وليذهب التعنصر والقبلية إلى الجحيم، فما هى إلا أمراض خبيثة عشعشت فى أذهان بعض المرضى ، ولكأن أحدهم قادم من كوكب آخر غير الارض يزهو بأوهامه الغثة، وكأنه لم يخلق من طين وماء!

وما تلك الترهات من العصبيات إلا إفلاس الفكرة، وبذرة فتنة، وهى بلا شك انحدار التوازن، واستعلاء الجهالة.

العنصرية شوكة لا تنبت إلا بين الأدران والقاذورات وما كانت لتثمر شجرة العنصرية إلا قذارة.

ومع تأجج نار الفتن القبلية، تجلّت العنصرية وبرزت روح القبلية ونمت كثير من السمات البغيضة، وكلما تفكك المجتمع بسبب الحياة الاقتصادية والغلاء كلما أطلت القبلية برأسها من جحورها، لتفرز سمومها فى جسد المجتمع وتفكك ترابطه وتدمر تماسكه وتفرق بين القلوب.

فإن قلنا بأن العنصرية هى سلوكيات تعبر عن بعض المعتقدات الهدامة والغير سوية وهي -فى مجملها- تسعى لتصنيف البشر إلى فئات، والمحصلة من وراء ذلك السيطرة على كيان البعض الآخر إما بهضم الحقوق أو سلب الحرية أو تقليل الشأن أو تفتيت الوحدة.

وقد تمادت ممارسة العنصرية بين نيران الفتن القبلية والتى رمت بظلالها الخطيرة على الحياة الاجتماعية، وتنذر على المدى القريب بتفتت المجتمع وازدياد التنافر بين شرائح الشعب، والدليل على ذلك بأن طفت على السطح ممارسات وسلوكيات دخيلة ومختلقة تنذر بالعنصرية والقبلية البغيضة، وللأسف حتى بين بعض المثقفين.

وسؤال “وش ترجع؟” أصبح شائعاً بين الناس، ورغم أنه يبدو كسؤال عابر، إلا أنه يظهر ملامح التعصب القبلي، وهو سلوك نتن شائن، مرفوض جملة وتفصيلاً.

في النهاية، يجب أن يكون همنا الأول هو توحيد الوطن وعدم التفريط فى لحمته وتضافره وعدم السماح بتقسيمه، كي نواجه أعدائنا الذين يحيطون بنا من جميع الاتجاهات، منتظرين ثغرة تمكنهم من النيل من هذا الوطن وتمزيقه!